ضِيَاء الدّين الْقُرْطُبِيّ القنائي الأديب
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن يُوسُف الْأنْصَارِيّ النجاري القنائي كَانَ عَالما فَاضلا أديباً كَامِلا ناظماً ناثراً لَهُ رئاسة وَمَكَارِم وعلو همة سمع من زَاهِر بن رستم الْأَصْبَهَانِيّ وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي الصَّيف اليمني وَيُونُس بن يحيى بن أبي الْحُسَيْن الْهَاشِمِي وَمن القَاضِي أبي مُحَمَّد بن عبد الله بن المجلي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن الْبناء وَأبي الْقَاسِم حَمْزَة بن عَليّ بن عُثْمَان المَخْزُومِي وَمن الْحَافِظ أبي الْحسن عَليّ بن الْمفضل الْمَقْدِسِي وَمن أبي عبد الله الْحُسَيْن بن الْمُبَارك بن الزبيدِيّ وَحدث فَسمع مِنْهُ جمَاعَة مِنْهُم عز الدّين الشريف أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْحُسَيْنِي النَّقِيب وقاضي الْقُضَاة سعد الدّين مَسْعُود بن أَحْمد الْحَارِثِيّ وَأَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر الأبيوردي وَأَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن يُونُس بن أَحْمد الإربلي وَعبد الْغفار بن مُحَمَّد بن عبد الْكَافِي السَّعْدِيّ وَغَيرهم قَالَ كَمَال الدّين جَعْفَر الأدفوي وَقد وهم فِيهِ جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين وَقَالُوا فِيهِ يعرف بِابْن المزين وَالوهم سَببه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الْقُرْطُبِيّ مُخْتَصر صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَهُوَ يعرف بِابْن المزين والقرطبي القناوي هَذَا مقدم فِي الْأَدَب وَأكْثر مقَامه بقنا وَتُوفِّي بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وست مائَة وَهُوَ ساجد ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وست مائَة
وَكَانَ مَشْهُورا بالأدب وَمن ترسله كتاب كتبه جَوَابا للشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد وَهُوَ يخْدم الْمجْلس العالي العالمي صفاتٌ يقف الْفضل عِنْدهَا ويقفو الشّرف مجدها وتلتزم الْمَعَالِي حمدها وسمات يبسم ثغر الرياسة مِنْهَا وتروى أَحَادِيث السِّيَادَة عَنْهَا الصدري الرئيسي المفيدي معَان اسْتحقَّهَا بالتمميز واستوجبها بالتبريز وسبكته الْإِمَامَة لَهَا فألفته خَالص الإبريز وَمَعَان أقرته فِي سودائها وأطلعته فِي سمائها وألبسته أفضل صفاتها وأشرف أسمائها العلامي الْفَاضِل التقوي نسب اخْتصّت بِهِ اخْتِصَاص التشريف لَا تَشْرِيفًا لَهُ فالشمس تَسْتَغْنِي عَن التَّعْرِيف لَا زَالَت إِمَامَته كافلة بصون الشَّرَائِع ورادةً من دين الله وكفالة رَسُول الله أشرف الْمَوَارِد وأعذب الشَّرَائِع آخذة بآفاق سَمَاء الشّرف)
فلهَا قمراها والنجوم الطوالع قَاطِعَة أطماع الآمال عَن إِدْرَاك فَضله وَمَا زَالَت تقطع أَعْنَاق الرِّجَال المطامع صارفة عَن جلالته مكاره الْأَيَّام صرفا لَا تعتوره القواطع وَلَا تعترضه الْمَوَانِع وَيُنْهِي وُرُود عذرائه الَّتِي لَهَا الشَّمْس خدن والنجوم ولائد وحسنائه الَّتِي لَهَا اللَّفْظ در والدراري قلائد ومشرفته الَّتِي لَهَا من براهين الْبَيَان شَوَاهِد وكريمته الَّتِي لَهَا الْفضل ورد والمعالي موارد وبديعته الَّتِي لَهَا بَين أحشائي وقلبي معاهد
(وآيته الْكُبْرَى الَّتِي دلّ فَضلهَا ... على أنّ من لم يشْهد الْفضل جَاحد)
(وَأَنَّك سيفٌ سَله الله للورى ... وَلَيْسَ لسيفٍ سَله الله غامد)
فلمثلها يحسن صوغ السوار ولفضلها يُقَال أَنَاة أَيهَا الْفلك الْمدَار وَإِنَّهَا فِي الْعلم أصل فرع ثَابت وَالْأَصْل عَلَيْهِ النشأة والقرار وَفرع أصل نابت وَالْأَصْل فِيهِ الْوَرق وَالثِّمَار هَذِه الَّتِي وقفت قرائح الْفُضَلَاء عِنْد استحسانها وأوقفتني على قدم التَّعَبُّد لإحسانها وأيقنت أَن مفترق الْفَضَائِل مُجْتَمع فِي إنسانها وَكنت أعلم علمهَا بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة فَإِذا هِيَ فِي النثر ابْن مقفعها وَفِي القصائد أَخُو حسانها هَذِه وَأَبِيك أم الرسائل المبتكرة وَبنت الأفكار الَّتِي هذبتها الْآدَاب فَهِيَ فِي سهل الإيجاز البرزة وَفِي صون الإعجاز المخدّرة والملية ببدائع البدائه فَمَتَى تقاضاها متقاضٍ لم تقل فنظرة إِلَى ميسرَة والبديعة الَّتِي لم توجه إِلَيْهَا الآمال فكرها اسْتِحَالَة غير مَسْبُوق بالشعور وَلم تسم إِلَيْهَا مقل الخواطر لعدم الْإِحَاطَة بِغَيْب الصُّدُور قبل الصُّدُور والبديهة فصل الْبَيَان كلماتها تَفْصِيل الدّرّ بالشذور وَإِن كلمها لتميس فِي صدرها وأعجازها وتختال فِي صدورها بَين بديعها وإعجازها وتنثال عَلَيْهَا أَعْرَاض الْمعَانِي بَين إسهابها وإيجازها فَهِيَ فرائد ائتلفت من أفكار الوائلي والإيادي وقلائد انتظمت انتظام الدُّرَر والدراري ولطائف فضّت عَن العنبر الشحريّ أَو الْمسك الدَّارِيّ لَا جرم أَن غوّاصي الْفَضَائِل ضلوا فِي غمراتها خائضين وفرسان الْكَلَام أَصْبحُوا فِي حلباتها راكضين وَأَبْنَاء الْبَيَان تليت آياتها عَلَيْهِم فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين
(فالعجز عَنْهَا معجزٌ متيقّنٌ ... ونبيها فِي الْفضل فِينَا مُرْسل)
(مَا إِن لَهَا فِي الْفضل مثلٌ كائنٌ ... وبيانها أجلى الْبَيَان وأمثل)
(مَا ذَاك إِلَّا أَن مَا يَأْتِي بِهِ ... وَحي الْكَلَام على البراعة ينزل)
بزغت شمساً لَا ترْضى غير صَدره فلكاً وانقادت مَعَانِيهَا طَائِعَة لَا تخْتَار سواهُ ملكا وانتبذت)
بالعراء لَا تخشى إِدْرَاك الأفكار وَلَا تخَاف دركاً وندّت شواردها فَلَا تقتنصها الخواطر وَلَو نصبت هدب الجفون شركا
وَتُوفِّي بقنا سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وست مائَة وَهُوَ ساجد
رحم الله علمائنا الابرار على ما قدموا لخدمة الاسلام وطلبة العلم .
كتبها الفقيرلمولاه
الشاذلى بن عباس الجعفرى
غفرالله له ولوالديه
وللمسلمين
قراءة من مخطوط الطالع السعيد عدة نسخ
كتبها الفقيرلمولاه
الشاذلى بن عباس الجعفرى
غفرالله له ولوالديه
وللمسلمين
قراءة من مخطوط الطالع السعيد عدة نسخ