-->
مدونة إبن عباس الجعفرى الحسينى مدونة إبن عباس الجعفرى الحسينى
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...
random

قفط ذات القباب



قفط ذات القباب
قفط تلك المدينة الزاخرة بالكثير من الفضائل والتى كانت من قديم الزمان محط رحل الرحالة والمسافرين والتى خرج منها العديد من العلماء  والأدباء والشعراء على مر التاريخ

جاء ذكرها في كتاب معجم البلدان ، قفط بكسر أوله، وسكون ثانيه، كلمة عجمية لا أعرف في العربية لها أصلا، وهي مسماة بقفط بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح، عليه السلام، وقبط، بالباء الموحدة، قالوا: إنه أخو قفط وأصله في كلامهم قفطيم ومصريم، ولما حاز مصر بن بيصر الديار المصرية، كما ذكرنا في مصر، وكثر ولده أقطع ابنه قفط بالصعيد الأعلى إلى أسوان في المشرق وابتنى مدينة قفط في وسط أعماله فسميت به، وهي الآن وقف على العلوية من أيام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وليس في ديار مصر ضيعة وقف ولا ملك لأحد غيرها إنما الجميع للسلطان إلا الحبس الجيوشي وهو ضياع وقرى وقفها أمير الجيوش بدر الجمالي، قال:والغالب على معيشة أهلها التجارة والسفر إلى الهند وليست على ضفة النيل بل بينهما نحو الميل وساحلها يسمى بقطر، وبينها وبين قوص نحو الفرسخ، وفيها أسواق، وأهلها أصحاب ثروة، وحولها مزارع وبساتين كثيرة فيها النخل والأترج والليمون، والجبل عليها مطلّ، وإليها ينسب الوزير الصاحب جمال الدين الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي، أصلهم قديما من أرض الكوفة انتقلوا إليها فأقاموا بها ثم انتقل فأقام بحلب وولي الوزارة لصاحبها الملك العزيز ابن الملك الظاهر غازي ابن أيوب، وهو الآن بها، وأبوه الأشرف ولي عدة ولايات منها البيت المقدس وانتقل إلى اليمن فهو إلى الآن به في حياة، وأخوه مؤيد الدين إبراهيم بحلب أيضا، وكلهم كتّاب علماء فضلاء لهم تصانيف وأشعار وآداب وذكاء وفطنة وفضل غزير. ([1])
وجاء ذكرها في كتاب المسالك والممالك للبكري (وبين بلادهم وبين بلاد النوبة جبال منيعة جدّا. وقد كانت النوبة أشدّ منهم إلى أن ساكن البجاة جماعة من المسلمين لمعادن الذهب الّتي عندهم، واستوطنها خلق من العرب من ربيعة وتزوّجوا في البجاة، فاشتدّت شوكتهم بهم. وصاحب المعادن في وقتنا هذا من المسلمين أبو مروان بشر بن إسحاق من ربيعة يركب في ثلاثة آلاف فارس من ربيعة وأحلافها. وببلاد البجاة تتّصل معدن الزمرّد، وهو موضع يعرف بالخربة، مفاوز وجبال تحميه البجاة، وهو متّصل بالصّعيد الأعلى من أعلى مدينة قفط، وإنّ البجاة تؤدّي الخفارات من يرد لحفر الزمرّد، وبين موضع معدنه والنّيل أكثر من عشرين مرحلة. ([2])
وبين هذا الموضع والعمران مسيرة سبعة أيّام، وهي مدينة قفط، والخراب عليها أكثر من العمارة، والجبل الّذي فيه هذه المعادن الّتي يوجد فيها الزمرّد متّصل بجبل المقطّم الّذي على مصر. ولا يعرف معدن الزمرّد سواه إلّا ببلاد البلّهرى من أرض الهند ولا يلحق بهذا، والهندي  يعرف بالمكّي لأنّه يحمل إلى عدن ويؤتى به مكّة، فاشتهر بهذا الاسم. ([3])
ارتبطت فى العصور الفرعونية باستغلال المعادن فى التلال الواقعة بين النيل والبحر الأحمر، وبالتجارة عبر الجزء الشرقى لمصر، وقد تمتعت قفط بأعظم درجات الازدهار فى فترتى اليونان والرومان. ويصف الجغرافى والمؤرخ اليونانى سترابو (64 ق. م - 23 ق. م) تنظيم وسائل النقل عبر النيل حتى "قفط"، ثم بالقوافل عبر الصحراء حتى البحر الأحمر، ويسميها "المدينة التى يسكنها المصريون والعرب معًا". والواقع أنها كانت مركز جذب لأهالى الصحراء الغربية القادمين للتجارة بها، وقبل كل شئ، من أجل القبائل البدوية المعروفة باسم "بِجَه" (أو البجاه -بضم الباء) التى اعتنقت النصرانية من هناك دون أدنى شك، وقد أقام مطران البِجَه فى قبطيو "قفط" وصارت قفط بعدئذ نقطة بداية للطرق المؤدية إلى البحر الأحمر (فى سنة 132 هـ/ 750 م، فرَّ بعض أفراد أسرة بنى أمية إلى هناك على نحو مؤقت ربما بقصد الهرب) وفقدت قفط أهميتها حين بدأ التيار الرئيسى للتجارة الشرقية فى استخدام الخليج العربى بدلا منها. ([4])
وبدأت قبائل صحراوات النيل - البحر الأحمر، تهاجم وادى النيل، ونهبت قفط نهبًا بدون حصانة فى سنة 204 هـ/ 819 م على أيدى قبائل البِجَه التى كانت لا تزال نصرانية، وحتى سنة 212 هـ/ 828 م, لم يكن قد بنى حولها سور واقٍ ليحميها. وفى النصف الأول من القرن الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى، كتب المسعودى مبينا أن قوص كانت أهم من قفط، ويربط أفول نجمها، وانقضاء زمانها، والنفور منها إلى بعد مجرى النيل عنها، والواقع أن تجار قوص المهرة كانوا قادرين على الاستفادة بالنهر، المحور التجارى الوحيد الذى كان لا يزال آخذًا فى الازدهار بسبب التجارة مع بلاد النوبة، بينما هجرت كل الطرق الأخرى؛ وحين استفيد بها مرة ثانية مع إحياء التجارة الشرقية فى ظل الفاطميين إبان القرن الخامس الهجرى الحادى عشر الميلادى، انتعشت قفط من جديد، إلا أن قوص احتلت المركز الأول وقتذاك، وصارت عاصمة إقليمية. وعلى الرغم من ذلك، استوطن "قفط" مزيج متعدد من السكان وبخاصة حين أدت العلاقات مع الحجاز لفترة طويلة إلى إستقرار أسر العلويين فيها. ولم يكن ثمة شك فى تأثيرهم الذى يفسر الانتشار الكبير للمذهب الشيعى هناك، وفى إخلاصهم للفاطميين بعد تولى صلاح الدين للسلطة، فقد دبرت مؤامرة أدت إلى "ثورة" فى سنة 572 هـ/ 1177 م، تم قمعها بوحشية. ونتيجة لذلك، أوكلت قفط إلى قوص مهمة فرض الثورة السنية المضادة على الصعيد. وربما يكون رحيل بعض الأسر منها (على سبيل المثال، أسرة ابن القفطى) مرتبطًا بهذه الأحداث؛ ولا يبدو أن قفط قد كان بها مدرسة أسوة بمدن صعيد مصر الصغيرة الأخرى، وسرعان ما فقدت قاضيها (تحولت إلى السلطان القضائى لممثل قاضى قوص). وبقى إقليم قفط وقفًا يذهب ريعه لمساندة أشراف مكة. ولم تكن قفط فى الفترة المملوكية سوى مركز زراعى صغير فى الريف حيث وفرت زراعة([5])
ومن قفط تسلك إلى معادن الزمرد وهو معدن يقال له: خربة الملك على ثمان رحلات من مدينة قفط وفيه جبلان يقال لأحدهما العروس وللآخر الخصوم فيهما معادن الزمرذ وفيه موضع يقال له كوم الصابوني وكوم مهران ومكابر وسفسيد. ([6])
فإنّ البجة كانت تمتار من قفط وهى مدينة تحاجز قوص وكان للبجة رئيس يدخل الى قفط يعرف بمحا فيمتار البرّ والتمر على مرّ أوقاته فيكرم ويعظم وكان لأهل قفط أيضا رئيس يعرف بإبراهيم القفطىّ فخرج حاجّا فى جماعة من أهله يريد عينونا والعبر اليها من ناحية جزائر بنى حدان على طريق طلفه فتطرّق بمحا البجاوىّ وجماعته التى صحبته على طريق الزيارة وكان بتلك الأرض فى غاية الخبرة فاجتمعت البجة الى محا رئيسهم فقالت لا بدّ من قتل هذا المسلم لمعرفته بديارنا ومقارّنا ومظانّ مياهنا ولسنا نأمنه فدافعهم عن ذلك فغلبوه على رأيه واتّفقوا على إتاهته فأتاهوه فمات عطشا ومن كان معه وكان له ولد صغير فرقّ له بعض البجة فسرّيه بالحيلة الى ناحية اتفوا من الصعيد فأوصله أهلها الى قفط فأخبرهم بحال أبيه  فأسرّوا ذلك ولم يظهروه وأتى محا على عادته ليمتار فى ثلثين رجلا من وجوه قومه([7])
وذكرها المقريزى في كتابه المواعظ والأعتبار (ولمدينتي قفط وقوص أخبار عجيبة في بدء عمارتهما، وما كان في أيام القبط من أخبارهما إلا أنّ مدينة قفط في هذا الوقت، متداعية للخراب، وقوص أعمر والناس فيها أكثر، وكان بقفط بربا موكل بها روحانيّ في صورة جارية سوداء تحمل صبيا أسود صغيرا، حكي أنها رئيت بها مرارا، ومعدن الزمرّذ في البرّ المتصل بأسوان، وكان له ديوان فيه شهود وذكر وكورة قفط ثنتان وعشرون قرية ([8])
ومن مدينة أخميم إلى مدينة قفط مجرى نصف يوم بالقلاع ومدينة قفط متباعدة عن ضفة النيل من الجهة الشرقية وأهلها شيعة وهي مدينة جامعة متحضرة بها أخلاط من الناس وفيها بعض بقايا من الروم وبها مزارع كثيرة للبقول مثل اللفت والخس وذلك لأنهم يجمعون بذورها ويطحنونها ويستخرجون أدهانها ويصنعون منها انواعا من الصابون يتصرفون به في جميع أرض مصر ومنها يتجهز به إلى كل الجهات وصابونها معروف النظافة. ([9])
ووردت عند أبن جبير في رحلته (ومنها قفط وهي مدينة بشرقي النيل وعلى مقدار ثلاثة أميال من شطه وهي من المدن المذكورة في الصعيد حسنا ونظافة بنيان واتقان وضع).) ([10])
وكما في كتاب الروض المعطار في خبر الأقطار (مدينة بالديار المصرية متوسطة المقدار أولية، لها سور وبينها وبين قوص أربعة أميال، وبها بربى، وبقربها شَعْراء كثيفة، وهي متباعدة من النيل، وفيها مزارع كثيرة البقول، وصابونها معروف النظافة وأهلها شيعة، وهي مدينة جامعة متحضرة، وبها أخلاط من الناس، وفيها بعض بقايا الروم). ([11])
وذكر الأدفوى في كتابه الطالع السعيد فقط قائلاً (ويليها " قفط" وقيل إنها كانت مدينة الإقليم أولاً. حكى بعض المؤرخين, أن بجانب "فقط" قرية يقال لها "قوص" وأنها شرعت في العمارة, وشرعت " قفط" في الخراب, تاريخهُ سنة أربعمائة أو ما يقاربها. وأخبرني خطيبها وغيره, أنه كان بها أربعون مسبكاً للسكر, وست معاصر للقصب, وبها قباب بأعالي دورها: قالوا: إن من ملك عشرة آلاف دينار, يجعل له قبة في داره. (([12])
([13])

([14])
وذكر محمد بن فضل الدين المخزومي القوصي في كتابه فضائل قوص (وكان بقفط المذكورة كنيسة وعماير ولما فتحت على يد السيد عمرو بن العاص عمر بها جامع وهوللان موجود بعضه وما اخربه إلا الأرضة وكان بها من البيوت والدور والأماكن شئ لا يوصف كيفيته وكان بها بيوت عليها قبب وأعلا القبة والطيرشي يشير بذلك أن صاحب الدار ملك ماية ألف دينار ..) ([15])
([16])
قطرة من فيض بحر تاريخ تلك المدينة التاريخية

كتبها الفقيرلمولاه
 الشاذلى بن عباس الجعفرى
غفرالله له ولوالديه
 وللمسلمين




([1] ) معجم البلدان 383
([2] ) المسالك والممالك للبكري 325
([3] ) المسالك والممالك للبكري 325
([4] ) موجز دائرة المعارف الإسلامية
([5] ) موجز دائرة المعارف الإسلامية
([6] ) البلدان لليعقوبي
([7] ) صورة الأرض
([8] ) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار430
([9] ) نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق 4/128
([10] ) رحلة ابن جبير 40
([11] ) الروض المعطار في خبر الأقطار477
([12] ) الطالع السعيد في ذكر نجباء الصعيد
([13] ) مخطوط الطالع السعيد في ذكر نجباء الصعيد
([14] ) مخطوط الطالع السعيد في ذكر نجباء الصعيد
([15] ) المقال المخصوص والمقام المنصوص في ذكر فضائل قوص
([16] ) مخطوط المقال المخصوص والمقام المنصوص في ذكر فضائل قوص


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

جميع الحقوق محفوظة

مدونة إبن عباس الجعفرى الحسينى

2019